سورة هود - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{يا إبراهيم أعرض عن هذا} الجدال، وخرجوا من عنده فأتوا قرية قوم لوطٍ، وذلك قوله: {ولما جاءت رسلنا لوطاً سِيءَ بهم} حزن بمجيئهم؛ لأنَّه رآهم في أحسن صورةٍ، فخاف عليهم قومه، وعلم أنَّه يحتاج إلى المدافعة عنهم، وكانوا قد أتوه في صورة الأضياف {وضاق بهم ذرعاً} أَيْ: صدراً {وقال هذا يوم عصيب} شديدٌ. ولمَّا علم قومه بمجيء قومٍ حسانِ الوجوه أضيافاً للوط قصدوا داره، وذلك، قوله: {وجاء قومه يهرعون إليه} أَيْ: يُسرعون إليه {ومن قبل} أَيْ: ومِنْ قبل مجيئهم إلى لوطٍ {كانوا يعملون السيئات} يعني: فعلهم المنكر {قال يا قومِ هؤلاء بناتي} أُزوِّجكموهنَّ ف {هنَّ أَطْهَرُ لكم} من نكاح الرِّجال. أراد أن يقي أضيافه ببناته {فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي} لا تفضحوني فيهم؛ لأنَّهم إذا هجموا إلى أضيافه بالمكروه لحقته الفضيحة {أليس منكم رجل رشيد} يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
{قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق} لَسْنَ لنا بأزواجٍ فنستحقهنَّ {وإنك لتعلم ما نريد} أَيْ: إنَّا نريد الرِّجال لا النِّساء.
{قال لو أنَّ لي بكم قوَّة} لو أنَّ معي جماعةً أقوى بها عليكم {أو آوي} أنضمُّ {إلى ركن شديد} عشيرةٍ تمنعني وتنصرني لَحُلْتُ بينكم وبين المعصية، فلمَّا رأت الملائكة ذلك،
{قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} بسوءٍ فإنَّا نحولُ بينهم وبين ذلك {فأسرِ بأهلك بقطع الليل} في ظلمة اللَّيل {ولا يلتفت منكم أحد} لا ينظر أحدٌ إلى ورائه إذا خرج من قريته {إلاَّ امرأتك} فلا تسرِ بها، وخلِّفها مع قومها؛ فإنَّ هواها إليهم و{إنَّه مصيبها ما أصابهم} من العذاب {إنَّ موعدهم الصبح} للعذاب، فقال لوط: أريد أعجلَ من ذلك، بل السَّاعةَ يا جبريل، فقالوا له: {أليس الصبح بقريب}.
{فلما جاء أمرنا} عذابنا {جعلنا عاليها سافلها} وذلك أنَّ جبريل عليه السَّلام أدخل جناحه تحتها حتى قلعها، وصعد بها إلى السَّماء، ثمَّ قلبها إلى الأرض {وأمطرنا عليها حجارة} قبلَ قلبها إلى الأرض {من سجيل} من طينٍ مطبوخٍ، طُبخ حتى صار كالآجر، فهو سنك كل بالفارسية، فَعُرِّب، {منضود} يتلو بعضه بعضاً.
{مسوَّمة} مُعلَّمةً بعلامةٍ تُعرف بها أنَّها ليست من حجارة أهل الدُّنيا {عند ربك} في خزائنه التي لا يُتصرَّف في شيءٍ منها إلاَّ بإرادته {وما هي من الظالمين ببعيد} يعني: كفَّار قريش، يُرهبهم بها.


{وإلى مدين} ذكرنا تفسير هذه الآية في سورة الأعراف، وقوله: {إني أراكم بخير} يعني: النِّعمة والخصب، يقول: أيُّ حاجةٍ بكم إلى التَّطفيف مع ما أنعم الله سبحانه به عليكم من المال ورخص السِّعر {وإني أخاف عليكم عذاب يومٍ محيط} يُوعدهم بعذابٍ يُحيط بهم فلا يفلت منهم أحدٌ.
{ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط} أَتِمّوهما بالعدل.
{بقية الله} أَيْ: ما أبقى الله لكم بعد إيفاء الكيل والوزن {خير لكم} من البخس، يعني: من تعجيل النَّفع به {إن كنتم مؤمنين} مُصدِّقين في نعمه.
شَرَطَ الإِيمانَ لأنَّهم إنَّما يعرفون صحَّة ما يقول إذا كانوا مؤمنين {وما أنا عليكم بحفيظ} أَيْ: لم أُؤمر بقتالكم وإكراهكم على الإِيمان.
{قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا} يريدون: دينُك يأمرك، أَيْ: أفي دينك الأمر بذا؟ {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} من البخس والظُّلم، ونقص المكيال والميزان {إنك لأنت الحليم الرشيد} أيْ: السَّفيه الجاهل، وقالوا: الحليم الرَّشيد على طريق الاستهزاء.
{قال يا قوم أرأيتم} أعلمتم {إن كنت على بينة من ربي} بيانٍ وحجَّةٍ من ربي {ورزقني منه رزقاً حسناً} حلالاً، وذلك أنَّه كان كثير المال، وجواب {إنْ} محذوف على معنى: إنْ كنت على بيِّنةٍ من ربي ورزقني المال الحلال أتَّبع الضَّلال فأبخس وأُطفف؟ يريد: إنَّ الله تعالى قد أغناه بالمال الحلال، {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} أَيْ: لست أنهاكم عن شيءٍ وأدخل فيه، وإنَّما أختار لكم ما أختار لنفسي {إن أريد} ما أريد {إلاَّ الإصلاح} فيما بيني وبينكم بأن تعبدوا الله وحده، وأَنْ تفعلوا ما يفعل مَنْ يخاف الله {ما استطعت} أَيْ: بقدر طاقتي، وطاقة الإِبلاغ والإِنذار، ثمَّ أخبر أنَّه لا يقدر هو ولا غيره على الطَّاعة إلاَّ بتوفيق الله سبحانه، فقال: {وما توفيقي إلاَّ بالله عليه توكلت وإليه أنيب} أرجع في المعاد.
{ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي} لا يكسبنَّكم خلافي وعداوتي {أن يصيبكم} عذاب العاجلة {مثل ما أصاب قوم نوحٍ} من الغرق {أو قوم هود} من الرِّيح العقيم {أو قوم صالح} من الرَّجفة والصِّيحة {وما قوم لوط منكم ببعيد} في الزَّمان الذي بينكم وبينهم وكان إهلاكهم أقربَ الإِهلاكات التي عرفوها.
{واستغفروا ربكم} اطلبوا منه المغفرة {ثمَّ توبوا إليه} توصَّلوا إليه بالتَّوبة {إنَّ ربي رحيم} بأوليائه {ودودٌ} محبٌّ لهم.


{قالوا يا شعيب ما نفقه} ما نفهم {كثيراً مما تقول} أَيْ: صحَّته. يعنون: ما يذكر من التَّوحيد والبعث والنُّشور {وإنا لنراك فينا ضعيفاً} لأنَّه كان أعمى {ولولا رهطك} عشيرتك {لرجمناك} قتلناك {وما أنت علينا بعزيز} بمنيعٍ.
{قال يا قوم أرهطي أعزُّ عليكم من الله} يريد: أمنع عليكم من الله، كأنَّه يقول: حفظكم إيَّاي في الله أولى منه في رهطي {واتَّخذتموه وراءكم ظهرياً} ألقيتموه خلف ظهوركم، وامتنعتم من قتلي مخافة قومي، والله أعزُّ وأكبر من جميع خلقه {إنَّ ربي بما تعملون محيط} خبيرٌ بأعمال العباد حتى يجازيهم بها، ثمَّ هدَّدهم فقال: {ويا قوم اعملوا...} الآية. يقول: اعملوا على ما أنتم عليه {إني عاملٌ} على ما أنا عليه من طاعة الله، وسترون منزلتكم من منزلتي، وهو قوله: {سوف تعلمون مَنْ يأتيه عذاب يخزيه} يفضحه ويذله {ومَنْ هو كاذب} منَّا {وارتقبوا إني معكم رقيب} ارتقبوا العذاب من الله سبحانه، إنِّي مرتقب من الله سبحانه الرَّحمة، وقوله: {وأخذت الذين ظلموا الصيحة} صاح بهم جبريل صيحةً فماتوا في أمكنتهم.
{ألا بعداً لمدين} أَيْ: قد بعدوا من رحمة الله سبحانه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8